فصل: ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر قتل ابن الفرات وولده المحسن

وكان المحسن ابن الوزير ابن الفرات مختفيًا كما ذكرنا وكان عند حماته حزانة وهي والدة الفضل بن جعفر بن الفرات وكانت تأخذه كلّ يوم إلى المقبرة وتعود به إلى المنازل التي يثق بأهلها عشاء وهو في زيّ امرأة فمضت يومًا إلى مقابر قريش وأدركها الليل فبعد عليها الطريق فأشارت عليها امرأة معها أن تقصد امرأة صالحة تعرفها بالخير تختفي عندها فأخذت المحسن وقصدت تلك المرأة وقالت لها‏:‏ معنا صبيّة بكر نريد بيتًا نكون فيه فأمرتهم بالدخول إلى دارها وسلّمت إليهم قبّة في الدار فأدخلن المحسن إليها وجلست النساء اللائي معه في صفّة بين يدي باب القبّة فجاءت جارية سوداء فرأت المحسن في القبّة فعادت إلى مولاتها فأخبرتها أنّ في الدار رجلًا فجاءت صاحبتها فلمّا رأته عرفته‏.‏

وكان المحسن قد أخذ زوجها ليصادره فلمّا رأى الناسَ في داره يُجلدون ويشقَّون ويعذَّبون مات فجأةً فلمّا رأت المرأة المحسن وعرفته ركبت في سفينة وقصدت دار الخليفة وصاحت‏:‏ معي نصيحة لأمير المؤمنين‏!‏ فأحضرها نصر الحاجب فأخبرته بخبر المحسن فانتهى ذلك إلى

المقتدر فأمر نازوك صاحب الشُّرطة أن يسير معها ويحضره فأخذها معه إلى منزلها ودخل المنزل وأخذ المحسن وعاد به إلى المقتدر فردّه إلى دار الوزير فعُذب بأنواع العذاب ليجيب إلى مصادرة يبذلها فلم يجبهم إلى دينار واحد وقال‏:‏ لا أجمع لكم بين نفسي ومالي واشتدّ العذاب عليه بحيث امتنع عن الطعام فلمّا علم ذلك المقتدر أمر بحمله مع أبيه إلى دار الخلافة فقال الوزير أبو القاسم لمؤنس وهارون بن غريب الخال ونصر الحاجب‏:‏ إن يُنقل ابن الفرات إلى دار الخلافة بذل أمواله وأطمع المقتدر في أموالنا وضمننا منه وتسلّمنا فأهلكنا فوضعوا القوّاد والجند حتّى قالوا للخليفة‏:‏ إنّه لا بدّ من قتل ابن الفرات وولده فإنّنا لا نأمن على أنفسنا ما داما في الحياة‏.‏

وتردّدت الرسائل في ذلك وأشار مؤنس وهارون بن غريب ونصر الحاجب بموافقتهم وإجابتهم إلى ما طلبوا فأمر نازوك بقتلهما فذبحهما كما يذبح الغنم‏.‏

وكان ابن الفرات قد أصبح يوم الأحد صائمًا فأُتي بطعام فلم يأكله فأُتي أيضًا بطعام ليُفطر عليه فلم يفطر وقال‏:‏ رأيتُ أخي العبّاس في النوم يقول لي‏:‏ أنت وولدك عندنا يوم الاثنين ولا شكّ أنّنا نُقتل فقُتل ابنه المحسن يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر وحُمل رأسه إلى أبيه فارتاع لذلك شديدًا ثمّ عُرض أبوه على السيف فقال‏:‏ ليس إلاّ السيف راجعوا في أمري فإن عندي أموالًا جمّة وجواهر كثيرة فقيل له‏:‏ جلّ الأمر عن ذلك‏!‏ وقُتل وكان عمره إحدى وسبعين سنة وعمر ولده المحسن ثلاثًا وثلاثين سنة فلمّا قُتلا حُمل رأساهما إلى المقتدر بالله فأمر بتغريقهما‏.‏

وقد كان أبو الحسن بن الفرات يقولك إن المقتدر بالله يقتلني فصحّ قوله فمن ذلك أنّه عاد من عنده يومًا وهو مُفكر كثير الهمّ فقيل له في ذلك فقال‏:‏ كنتُ عند أمير المؤمنين فما خاطبتُه في شيء من الأشياء إلاّ قال ل نعم فقلتُ له الشيء وضدّه ففي كلّ ذلك يقول نعم فقيل له‏:‏ هذا لحُسن ظنّه بك وثقته بما تقول واعتماده على شفقتك فقال‏:‏ لا والله ولكنه أذن لكلّ قائل وما يؤمنيّ أن يقال له بقتل الوزير فيقول نعم والله إنّه قاتلي‏!‏ ولّما قُتل ركب هارون بن غريب مسرعًا إلى الوزير الخاقانيّ وهنّأه بقتله فأُغمي عليه حتّى ظنّ هارون ومَن هناك أنّه قد مات وصرخ أهله وأصحابه عليه فلمّا أفاق من غشيته لم يفارقه هارون حتّى أخذ منه ألفَي دينار‏.‏

وأمّا أولاده سوى المحسن فإنّ مؤنسًا المظفَّر شفع في ابنَيْه عبدالله وأبي نصر فأُطلقا له فخلع عليهما ووصلهما بعشرين ألف دينار وصودر ابنه الحسن على عشرين ألف دينار وأُطلق إلى منزله‏.‏

وكان الوزير أبو الحسن بن الفرات كريمًا ذا رئاسة وكفاية في عمله حسن السؤال والجواب ولم يكن له سيّئة ألاّ ولده المحسن‏.‏ ومن محاسنه أنّه جرى ذكر أصحاب الأدب وطلبة الحديث وما هم عليه من الفقر والتعفّف فقال‏:‏ أنا أحقّ مَن أعانهم وأطلق لأصحاب الحديث عشرين ألف درهم وللشعراء عشرين ألف درهم ولأصحاب الأدب عشرين ألف درهم وللفقهاء عشرين ألف درهم وللصوفيّة عشرين ألف درهم فذلك مائة ألف درهم‏.‏

وكان إذا وليَ الوزارة ارتفعت أسعار الثلج والشمع والسكر والقراطيس لكثرة ما كان يستعملها ويخرج من داره للناس ولم يكن فيه ما يعاب به إلاّ أن أصحابه كانوا يفعلون ما يريدون ويظلمون فلا يمنعهم فمن ذلك أنّ بعضهم ظلم امرأة في ملك لها فكتبت إليه تشكو منه غير مرّة وهو لا يردّ لها جوابًا فلقيته يومًا وقالت له‏:‏ أسألك بالله أن تسمع منيّ كلمة‏!‏ فوقف لها فقالت‏:‏ قد كتبتُ إليك في ظُلامتي غير مرّة ولم تُجبني وقد تركتك وكتبتها إلى الله تعالى‏.‏

فلمّا كان بعد أيّام ورأى تغيّر حاله قال لمن معه من أصحابه‏:‏ ما أظن إلاّ جواب رقعة تلك المرأة المظلومة قد خرج فكان كما قال‏.‏

و في هذه السنة دخل أبو طاهر القُرمطيُّ إلى الكوفة وكان سبب ذلك أنّ أبا طاهر أطلقَ مَن كان عنده من الأسرى الذين كان أسرهم من الحّجّاج وفيهم ابن حمدان وغيره وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز فلم يجبه إلى ذلك فسار من هَجَر يريد الحاجّ‏.‏

وكان جعفر بن ورقاء الشيبانيُّ متقلّدًا أعمال الكوفة وطريق مكّة فلمّا سار الحُجّاج من بغداد سار جعفر بين أيديهم خوفًا من أبي طاهر ومعه ألف رجل من بني شيبان وسار مع الحُجّاج من أصحاب السلطان ثَمل صاحب البحر وجنّيّ الصفوانيُّ وطريف السبكريُّ وغيرهم في ستّة آلاف رجل فلقي أبو طاهر القُرمطيُّ جعفرًا الشيبانيَّ فقاتله جعفر‏.‏

فبينما هو يقاتله إذ طلع جمع من القرامطة عن يمينه فانهزم من بين أيديهم فلقي القافلة الأولى وقد انحدرت من العقبة فردّهم إلى الكوفة ومعهم عسكر الخلفية وتبعهم أبو طاهر إلى باب الكوفة فقاتلهم فانهزم عسكر الخليفة وقتل منهم وأسر جنّيًّا الصفوانيَّ وهرب الباقون والحُجّاج من الكوفة ودخلها أبو طاهر وأقام ستّة أيّام بظاهر الكوفة يدخل البلد نهارًا فيقيم في الجامع إلى الليل ثمّ يخرج يبيت في عسكره وحمل منها ما قدر على حمله من الأموال والثياب وغير ذلك وعاد إلى هَجَر‏.‏

ودخل المنهزمون بغداد فتقدّم المقتدر إلى مؤنس المظفَّر بالخروج إلى الكوفة فسار إليها فبلغها وقد عاد القرامطة عنها فاستخلف عليها ياقوتًا وسار مؤنس إلى واسط خوفًا عليها من أبي طاهر وخاف أهل بغداد وانتقل الناس إلى الجانب الشرقيّ ولم يحجّ

في هذه السنة من الناس أحد‏.‏

  ذكر عدّة حوادث

في هذه السنة خلع المقتدر على نُجح الطولونيّ ووليّ أصبهان‏.‏

وفيها ورد رسول ملك الروم بهدايا كثيرة ومعه أبو عمر بن عبد الباقي فطلبا من المقتدر الهدنة وتقرير الفداء فأجيبا إلى ذلك بعد غزاة الصائفة‏.‏

و في هذه السنة خُلع على جنّيّ الصفوانيّ بعد عوده من ديار مصر‏.‏

وفيها استُعمل سعيد بن حمدان على المعاون والحرب بنهاوند‏.‏

وفيها دخل المسلمون بلاد الروم فنهبوا وسبوا وعادوا‏.‏

وفيها ظهر عند الكوفة رجل ادّعى أنه محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وهو رئيس الإسماعيليّة وجمع جمعًا عظيمًا من الأعراب وأهل السواد واستفحل أمره في شوّال فسُيّر إليه جيش من بغداد فقاتلوه فظفروا به وانهزم وقُتل كثير من وفيها في شهر ربيع الأوّل توفّي محمّد بن نصر الحاجب وقد كان استعمل على الموصل وتقدّم ذلك‏.‏

وفيها توفّي شفيع اللؤلؤيُّ وكان على البريد وغيره من الأعمال فوليَ ما كان عليه شفيع المقتدريُّ‏.‏

  ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

  ذكر عزل الخاقانيّ عن الوزارة ووزارة الخصيبيّ

في هذه السنة في شهر رمضان عُزل أبو القاسم الخاقانيُّ عن وزارة الخليفة‏.‏

وكان سبب ذلك أنّ أبا العبّاس الخصيبيَّ علم بمكان امرأة المحسن بن الفرات فسأل أن يتولّى النظر في أمرها فأذن له المقتدر في ذلك فاستخلص منها سبع مائة ألف دينار وحملها إلى المقتدر فصار له معه حديث فخافه الخاقانيُّ فوضع مَن وقع عليه وسعى به فلم يصغ المقتدر إلى ذلك فلمّا علم الخصيبيُّ بالحال كتب إلى المقتدر يذكر معايب الخاقانيّ وابنه عبد الوهّاب وعجزهما وضياع الأموال وطمع العمّال‏.‏

ثمّ إنّ الخاقانيَّ مرض مرضًا شديدًا وطال به فوقفت الأحوال وطلب الجند أرزاقهم وشغبوا فأرسل المقتدر إليه في ذلك فلم يقدر على شيء فحينئذ عزله واستوزر أبا العبّاس الخصيبيَّ وخلع عليه وكان يكتب لأمّ المقتدر فلمّا وزَر كتب لها بعده أبو يوسف عبد الرحمن بن محمّد وكان قد تزهّد وترك عمل السلطان ولبس الصوف والفوط فلمّا أُسند إليه هذا العمل ترك ما كان عليه من الزهد فسمّاه الناس المرتدّ‏.‏

فلمّا وليَ الخصيبيُّ أقرّ عليَّ بن عيسى على الإشراف على أعمال مصر والشام فكان يتردّد من مكّة إليها في الأوقات واستعمل العُمّال في الأعمال واستعمل أبا جعفر محمّد بن القاسم الكرخيَّ بعد إن صادره بثمانية وخمسين ألف دينار على الإشراف على الموصل وديار ربيعة‏.‏

  ذكر ما فتحه أهل صقلّية

في هذه السنة سار جيش صِقلّية مع أميرهم سالم بن راشد وأرسل إليهم المهديُّ جيشًا من إفريقية فسار إلى أرض انكبردة ففتحوا غيران وأبرجة وغنموا غنائم كثيرة وعاد جيش صقلّية وساروا إلى أرض قِلَّوريَة وقصدوا مدينة طارنت فحصروها وفتحوها بالسيف في شهر رمضان ووصلوا إلى مدينة أدرنت فحصروها وخرّبوا منازلها فأصاب المسلمين مرض

شديد كبير فعادوا ولم يزل أهل صقلّية يغيرون على ما بأيدي الروم من جزيرة صقلّية وقِلّوريَة وينهبون ويخربون‏.‏

  ذكر عدّة حوادث

في هذه السنة فتح إبراهيم المِسْمعيُّ ناحية القُفص وهي من حدود كَرْمان وأسر منهم خمسة آلاف إنسان وحملهم إلى فارس وباعهم‏.‏

وفيها كثرت الأرطاب ببغداد حتّى عملوا منها التمور وحُملت إلى واسط والبصرة فنُسب أهل بغداد إلى البغي‏.‏

وفيها كتب ملك الروم إلى أهل الثغور يأمرهم بحمل الخراج إليه فإن فعلوا وإلاّ قصدهم فقتل الرجال وسبى الذريّة وقال‏:‏ إنّني صحّ عندي صعف ولاتكم فلم يفعلوا ذلك فسار إليهم وأخرب البلاد ودخل مَلَطْيَة في سنة أربع عشرة وثلاثمائة فأخربوها وسبوا منها ونهبوا وأقام فيها ستة عشر يومًا‏.‏

وفيها اعترض القرامطة الحاجَّ بزبالة فقاتلهم أصحاب الخليفة فانهزموا ووضع القرامطة على الحاجّ قطيعة فأخذوها وكفوا عنهم فساروا إلى مكّة‏.‏

وفيها انقضّ كوكب كبير وقت المغرب له صوت مثل الرعد الشديد وضوء عظيم أضاءت له الدنيا‏.‏

وفيها توفّي محمّد بن محمّد بن سليمان الباغنديُّ في ذي الحجّة وهو من حفّاظ المحدّثين وأبو العبّاس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السرّاج النَّيسابوريُّ وعمره تسع وتسعون سنة وكان من العلماء الصالحين وعبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البَغَويُّ توفّي ليلة الفِطر وكان عمره مائة سنة وسنتين وهو ابن بنت أحمد بن منيع‏.‏

وفيها توفّي عليُّ بن محمّد بن بشّار أبو الحسن الزاهد‏.‏

  ثم دخلت سنة أربع عشرة وثلاثمائة

  ذكر مسير ابن أبي الساج إلى واسط

و في هذه السنة قلّد المقتدرُ يوسفَ بن أبي الساج نواحي المشرق وأذن له في أخذ أموالها وصرفها إلى قوّاده وأجناده وأمره بالقدوم إلى بغداد من أذربيجان والمسير إلى واسط ليسير إلى هَجَر لمحاربة أبي طاهر القُرمطيّ فسار إلى واسط وكان بها مؤنس المظفَّر فلمّا قاربها يوسف صعد مؤنس إلى بغداد ليقيم بها وجعل له أموال الخراج بنواحي هَمذان وساوةَ وقُمّ وقَاشان وماه البَصرة وماه الكوفة وماسَبَذان لينفقها على مائدته ويستعين بذلك على محاربة القرامطة وكان هذا كلّه من تدبير الخصيبيّ‏.‏

  ذكر الحرب بين عبد الله بن حَمدان والأكراد والعرب

و في هذه السنة أفسد الأكراد والعرب بأرض الموصل وطريق خُراسان وكان عبد الله بن حَمدان يتولّى الجميع وهو ببغداد وابنه ناصر الدولة بالموصل فكتب إليه أبوه يأمره بجمع الرجال والانحدار إلى تكريت ففعل وسار إليها فوصل إليها في رمضان واجتمع بأبيه وأحضر العرب وطالبهم بما أحدثوا في عمله بعد أن قتل منهم ونكّل ببعضهم فردّوا على الناس شيئًا كثيرًا ورحل بهم إلى شَهرزور فوطئ الأكراد الجلالّية فقاتلهم وانضاف إليهم غيرهم فاشتدّت شوكتهم ثمّ إنّهم انقادوا إليه لّما رأوا قوّته وكفّوا عن الفساد والشرّ‏.‏

  ذكر عزل الخصيبيّ ووزارة عليّ بن عيسى

في هذه السنة في ذي القعدة عزل المقتدر أبا العبّاس الخصيبيَّ عن الوزارة‏.‏

وكان سبب ذلك أنّ الخصيبيّ أضاف إضافة شديدة ووقفت أمور السلطان لذلك واضطرب وكان حين وليَ الوزارة قد اشتغل بالشرب كلّ ليلة وكان يصبحُ سكران لا قصد فيه لعمل وسماع حديث وكان يترك الكتب الواردة الدواوين لا يقرأها إلاّ بعد مدة ويهمل الأجوبة عنها فضاعت الأموال وفاتت المصالح ثمّ إنّه لضجره وتبرُّمه بها وبغيرها من الأشغال وكَل الأمورَ إلى نوابه وأهمل الاطلاع عليها فباعوا مصلحته بمصلحة نفوسهم‏.‏

فلمّا صار الأمر إلى هذه الصورة أشار مؤنس المظفَّر بعزله وولاية عليّ ابن عيسى فقَبض عليه وكانت وزارته سنة وشهرين وأخذ ابنه وأصحابه فحُبسوا وأرسل المقتدر بالله بالغد إلى دمشق يستدعي عليَّ بن عيسى وكان بها‏.‏

وأمر المقتدر أبا القاسم عبيدالله بن محمّد الكلوذانيَّ بالنيابة عن عليّ ابن عيسى إلى أن يحضر فسار عليُّ بن عيسى إلى بغداد فقدمها أوائل سنة خمس عشرة واشتغل بأمور الوزارة ولازم النظر فيها فمشت الأمور واستقامت الأحوال‏.‏

وكان من أقوم الأسباب في ذلك أنّ الخصيبيّ كان قد اجتمع عند رقاع المصادرين وكفالات مَن كفل منهم وضمانات العمّال بما ضمنوا من المال بالسواد والأهواز وفارس والمغرب فنظر فيها عليٌّ وأرسل في طلب تلك الأموال فأقبلت إليه شيئًا بعد شيء فأدّى الأرزاق وأخرج العطاء وأسقط من الجند مَن لا يحمل السلاح ومن أولاد المرتزقة من هو في المهد فإنّ آباءهم

أثبتوا أسماءهم ومن أرزاق المغنّين والمساخرة والندماء والصفاعنة وغيرهم مثل الشيخ الهرم ومن ليس له سلاح فإنّه أسقطهم وتولّى الأعمال بنفسه ليلًا ونهارًا واستعمل العمّال في الولايات واختار الكفاة‏.‏

وأمر المقتدر بالله بمناظرة أبي العبّاس الخصيبيّ فأحضره وأحضر الفقهاء والقضاة والكتّاب وغيرهم وكان عليٌّ وقورًا لا يسفه فسأله عما صحّ من الأموال من الخراج والنواحي والأصقاع والمصادرات والمتكلّفين بها ومن البواقي القديمة إلى غير ذلك فقال‏:‏ لا أعلمه‏.‏

وسأله عن الإخراجات والواصل إلى المخزن فقال‏:‏ لا أعرفه وقال له‏:‏ لِمَ أحضرت يوسف بن أبي الساج وسلّمت إليه أعمال المشرق سوى أصبهان وكيف تعتقد أنّه يقدر هو وأصحابه وهم قد ألفوا البلاد الباردة الكثيرة المياه على سلوك البرية القفراء والصبر على حرّ بلاد الإحساء والقطيف ولِمَ لَمْ تجعل معه منفقًا يخرج المال على الأجناد فقال‏:‏ ظننتُ أنّه يقدر على قتال القرامطة وامتنع من أن يكون معه منفق‏.‏

فقال له‏:‏ كيف استجزتَ في الدين والمروءة ضرب حُرِمَ المصادَرين وتسليمهنّ إلى أصحابك كامرأة ابن الفرات وغيره فإن كانوا فعلوا ما لا يجوز ألستَ أنت السبب في ذلك ثمّ سأله عن الحاصل له وعن إخراجاته فخلّط في ذلك فقال له‏:‏ غرّرت بنفسك وغرّرتَ بأمير المؤمنين ألا قلت له إنّني لا أصلح للوزارة فقد كان الفُرس إذا أرادوا أن يستوزروا وزيرًا نظروا في تصرّفه لنفسه فإن وجدوه حازمًا ضابطًا ولّوه وإلاّ قالوا‏:‏ من لا يحسن يدبّر نفسه فهو من غير ذلك أعجز وتركوه ثم أعاده إلى محبسه‏.‏

  ذكر استيلاء السامانيّة على الرَّيّ

لّما استدعى المقتدرُ يوسفَ بن أبي الساج إلى واسط كتب إلى السعيد نصر ابن أحمد السامانيّ بولاية الرَّيّ وأمره بقصدها وأخذها من فاتك غلام يوسف فسار نصر بن أحمد إليها أوائل سنة أربع عشرة وثلاثمائة فوصل إلى جبل قارن فمنعه أبو نصر الطبريُّ من العبور فأقام هناك فراسله وبذل له ثلاثين ألف دينار حتّى مكّنه من العبور فسار حتّى قارب الرَّيّ فخرج فاتك عنها واستولى نصر بن أحمد عليها في جمادى الآخرة وأقام بها شهرَيْن وولّى عليها سيمجور الدواتيَّ وعاد عنها‏.‏

ثمّ استعمل عليها محمّد بن عليّ صعلوك وسار نصر إلى بخارى ودخل صعلوك الرَّيّ فأقام بها إلى أوائل شعبان سنة ست عشرة وثلاثمائة فمرض فكاتب الحسنَ الدَّاعي وما كان بن كالي في القدوم عليه ليسلّم الريّ إليهما فقدما عليه فسلّم الريّ إليهما وسار عنها فلّما بلغ الدامغان

  ذكر عدّة حوادث

و في هذه السنة ضمن أبو الهيجاء عبدُ الله بن حمدان أعمال الخراج والضِّياع بالموصل وقَرْدَى وبازَبْدَى وما يجري معها‏.‏

وفيها سار ثمل إلى عمله بالثغور وكان في بغداد‏.‏

وفيها في ربيع الآخر خرجت الروم إلى مَلَطْية وما يليها مع الدُّمُسْتُق ومعه مليح الأرمنيُّ صاحب الدُّروب فنزلوا على مَلَطْية وحصروها فصبر أهلها ففتح الروم أبوابًا من الربض فدخلوا فقاتلهم أهله وأخرجوهم منه ولم يظفروا من المدينة بشيء وخرّبوا قرى كثيرة من قراها ونبشوا الموتى ومثلوا بهم ورحلوا عنهم وقصد أهل مَلَطْية بغداد مستغيثين في جُمادى الأولى فلم يعانوا فعادوا بغير فائدة وغزا أهل طَرَسُوس صائفة فغنموا وعادوا‏.‏

وفيها جمدت دجلة عند الموصل من بلدَ إلى الحَدِيثة حتّى عبر عليها الدّواب لشدّة البرد‏.‏

وفيها توفّي الوزر أبو القاسم الخاقانيُّ وهرب ابنه عبد الوهّاب ولم يحضر غسل أبيه ولا الصلاة عليه وكان الوزير قد أُطلق من محبسه قبل موته‏.‏

وفيها توجّه أبو طاهر القُرمُطيُّ نحو مكّة فبلغ خبره إلى أهلها فنقلوا حُرَمَهم وأموالهم إلى وفيها كتب الكلوذانيُّ إلى الوزير الخصيبيّ قبل عزله بأنّ أبا طالب النُّوبَنْدَجَانيَّ قد صار يجري مجرى أصحاب الأطراف وأنّه قد تغلّب على ضياع السلطان واستغل منها جملة عظيمة فصودر أبو طالب على مائة ألف دينار‏.‏

  ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة

  ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر ومؤنس

في هذه السنة هاجت الروم وقصدوا الثغور ودخلوا سُمَيساط وغنموا جميع ما فيها من مال وسلاح وغير ذلك وضربوا في الجامع بالناقوس أوقاتَ الصلوات‏.‏

ثمّ إنّ المسلمين خرجوا في أثر الروم وقاتلوهم وغنموا منهم غنيمة عظيمة فأمر المقتدر بالله بتجهيز العساكر مع مؤنس المظفَّر وخلع المقتدر عليه في ربيع الآخر ليسير فلمّا لم يبق إلاّ الوداع امتنع مؤنس من دخول دار الخليفة للوداع واستوحش من المقتدر بالله وظهر ذلك‏.‏

وكان سببه أنّ خادمًا من خدّام المقتدر حكى لمؤنس أنّ المقتدر بالله أمر خواصّ خدمه أن يحفر واجُبًّا في دار الشجرة ويغطوه ببُراية وتراب وذكر أنّه يجلس فيه لوداع مؤنس فإذا حضر وقاربها ألقاه الخدم فيها وخنقوه وأظهروه ميّتًا فامتنع مؤنس من دخول دار الخليفة وركب

إليه جميع الأجناد وفيهم عبدالله بن حَمدان وإخوته وخلت دار الخليفة وقالوا لمؤنس‏:‏ نحن نقاتل بين يديك إلى أن تنبت لك لحية فوجّه إليه المقتدر رقعة بخطّة يحلف له على بطلان ما بلغه فصرف مؤنس الجيش وكتب الجواب أنه العبد المملوك وأنّ الذي أبلغه ذلك قد كان وضعه مَن يريد إيحاشه من مولاه وأنّه ما استدعى الجند وإنّما هم حضروا وقد فرَّقهم‏.‏

ثمّ إنّ مؤنسًا قصد دار المقتدر في جمع من القوّاد ودخل غليه وقبّل يده وحلف المقتدر على صفاء نيّته له وودّعه وسار إلى الثغر في العشر الآخر من ربيع الآخرة وخرج لوداعه أبو العبّاس بن المقتدر وهو الراضي بالله والوزير عليُّ بن عيسى‏.‏

  ذكر وصول القرامطة إلى العراق وقتل يوسف بن أبي الساج

في هذه السنة وردت الأخبار بمسير أبي طاهر القُرامُطيّ من هَجَر نحو الكوفة ثم وردت الأخبار من الصرة بأنّه اجتاز قريبًا منهم نحو الكوفة‏.‏

فكتب المقتدر إلى يوسف بن أبي الساج يعرّفه هذا الخبر ويأمره بالمبادرة إلى الكوفة فسار إليها عن واسط آخر شهر رمضان وقد أعدّ له بالكوفة الأنزال له ولعسكره فلمّا وصلها أبو طاهر الهجَريُّ هرب نوّاب السلطان عنها واستولى عليها أبو طاهر وعلى تلك الأنزال والعلوفات وكان فيها مائة كرّ دقيقًا وألف كرّ شعيرًا وكان قد فني ما معه من الميرة والعلوفة فقووا بما أخذوه‏.‏

ووصل يوسف إلى الكوفة بعد وصول القُرمُطيّ بيوم واحد فحال بينه وبينها وكان وصوله يوم الجمعة ثامن شوّال فلمّا وصل إليهم أرسل إليهم يدعوهم إلى طاعة المقتدر فإن أبوا فموعدهم الحرب يوم الأحد لا طاعة علينا إلاّ لله تعالى والموعد بيننا للحرب بُكرة غد‏.‏

فلمّا كان الغد ابتدأ أوباش العسكر بالشتم ورمي الحجارة ورأى يوسف قلّة القَرامطة فاحتقرهم وقال‏:‏ إنّ هؤلاء الكلاب بعد ساعة في يدي‏!‏ وتقدّم بأن يكتب كتاب الفتح والبشارة بالظفر قبل اللقاء تهاونًا بهم‏.‏

وزحف الناس بعضهم إلى بعض فسمع أبو طاهر أصوات البوقات والزعقات فقال لصاحب له‏:‏ ما هذا فقال‏:‏ فشل‏!‏ قال‏:‏ أجَلْ لم يزد على هذا‏.‏

فاقتتلوا من ضحوة النهار يوم السبت إلى غروب الشمس وصبر الفريقان فلمّا رأى أبو طاهر ذلك باشر الحرب بنفسه ومعه جماعة يثق بهم وحمل بهم فطحن أصحاب يوسف ودقّهم فانهزموا بين يديه وأسر يوسفَ وعددًا كثيرًا من أصحابه وكان أسره وقت المغرب وحملوه إلى عسكرهم ووكّل به أبو طاهر طبيبًا يعالج جراحه‏.‏

وورد الخبر إلى بغداد بذلك فخاف الخاصّ والعامّ من القرامطة خوفًا شديدًا وعزموا على الهرب إلى حُلوان وهَمَذان ودخل المنهزمون بغداد أكثرهم رجّالة حفاة عراة فبرز مؤنس المظفَّر ليسير إلى الكوفة فأتاهم الخبر بأنّ القرامطة قد ساروا إلى عين التمر فأنفذ من بغداد خمس مائة سُمَيريّة فيها المقاتلة لتمنعهم من عبور الفرات وسيّر جماعة من الجيش إلى الأنبار لحفظها ومنع القرامطة من العبور هنالك‏.‏

ثمّ إنّ القرامطة قصدوا الأنبار فقطع أهلها الجسر ونزل القرامطة غرب الفرات وأنفذ أبو طاهر أصحابه إلى الحديثة فأتوه بسفن ولم يعلم أهل الأنبار بذلك وعبر فيها ثلاثمائة رجل من القرامطة فقاتلوا عسكر الخليفة فهزموهم وقتلوا منهم جماعة واستولى القرامطة على مدينة الأنبار وعقدوا الجسر وعبر أبو طاهر جريدة وخلّف سواده بالجانب الغربيّ‏.‏

ولّما ورد الخبر بعبور أبي طاهر إلى الأنبار خرج نصر الحاجب في عسكر جرّار فلحق بمؤنس المظفَّر فاجتمعا في نيّف وأربعين ألف مقاتل سوى الغلمان ومَن يريد النَّهب وكان ممّن معه أبو الهيجاء عبدالله بن حمدان ومن إخوته أبو الوليد وأبو السرايا في أصحابهم وساروا حتّى بلغوا نهر زبارا على فرسخين من بغداد عند عَقْرَقُوف فأشار أبو الهيجاء بن حمدان بقطع القَنطرة التي عليه فقطعوها وسار أبو طاهر ومَن معه نحوهم فبلغوا نهر زبارا وفي أوائلهم رجل أسود فما زال الأسود يدنو من القنطرة والنشاب يأخذه ولا يمتنع حتّى أشرف عليها فرآها مقطوعة فعاد وهو مثل القنفذ‏.‏

وأراد القرامطة العبور فلم يمكنهم لأن النهر لم يكن فيه مخاضة ولّما أشرفوا على عسكر الخليفة هرب منهم خلق كثير إلى بغداد من غير أن يلقوهم فلّما رأى ابن حَمدان ذلك قال لمؤنس‏:‏ كيف رأيت ما أشرت به عليكم فوالله لو عبر القرامطة النهر لأنهزم كلّ مَن معك ولأخذوا بغداد ولّما رأى القرامطة ذلك عادوا إلى الأنبار وسيّر مؤنس المظفَّر صاحبَهُ بُليقًا في ستّة آلاف مقاتل إلى عسكر القرامطة غربيّ الفرات ليغنموه ويخلصوا ابن أبي الساج فبلغوا إليهم وقد عبر أبو طاهر الفرات في زورق صيّاد وأعطاه ألف دينار فلمّا رآه أصحابه قويت قلوبهم ولّما أتاهم عسكر مؤنس كان أبو طاهر عندهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا فانهزم عسكر الخليفة‏.‏

ونظر أبو طاهر إلى ابن أبي الساج وهو قد خرج من الخيمة ينظر ويرجو الخلاص وقد ناداه أصحابه‏:‏ أبشر بالفرج‏!‏ فلّما انهزموا أحضره وقتله وقتل جميع الأسرى من أصحابه‏.‏

وسلمت بغداد من نهب العيّارين لأنّ نازوك كان يطوف هو وأصحابه ليلًا ونهارًا ومَن وجدوه بعد العَتمة قتلوه فامتنع العيّارون واكترى كثير من أهل بغداد سفنًا ونقلوا إليها أموالهم وربطوها لينحدروا إلى واسط وفيهم مَن نقل متاعه إلى واسط إلى حُلوان ليسيروا إلى خُراسان‏.‏

وكان عدّة القرامطة ألف رجل وخمسمائة رجل منهم سبعمائة فارس وثمانمائة راجل وقيل كانوا ألفَينْ وسبعمائة‏.‏

وقصد القرامطة مدينة هَيت وكان المقتدر قد سيّر إليها سعيد بن حمدان وهارون بن غريب فلّما بلغها القرامطة رأوا عسكر الخليفة قد سبقهم فقاتلوهم على السور فقتلوا من القرامطة جماعة كثيرة فعادوا عنها‏.‏

ولّما بلغ أهلَ بغداد عودهم من هَيت سكنت قلوبهم ولّما علم المقتدر بعدّة عسكره وعسكر القرامطة قال‏:‏ لعن الله نيّفًا وثمانين ألفًا يعجزون عن ألفين وسبعمائة‏.‏

وجاء إنسان إلى عليّ بن عيسى وأخبره أنّ في جيرانه رجلًا من شِيراز على مذهب القرامطة يكاتب أبا طاهر بالأخبار فأحضره وسأله واعترف وقال‏:‏ ما صحبتُ أبا طاهر إلا لما صحّ عندي أنّه على الحقّ وأنت وصاحبك كفّار تأخذون ما ليس لكم ولا بدّ لله من حجّة في أرضه وإمامنا المهديُّ محمّد بن فلان بن فلان بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق المقيم ببلاد المغرب ولسنا كالرافضة والاثني عشريّة الذين يقولون بجهلهم إن لهم إمامًا ينتظرونه ويكذب بعضهم لبعض فيقول‏:‏ قد رأيتُه وسمعتُه وهو يقرأ ولا ينكرون بجهلهم وغباوتهم أنه لا يجوز أن يعطى من العمر ما يظنّونه فقال له‏:‏ قد خالطتَ عسكرنا وعرفتهم فمن فيهم على مذهبك فقال‏:‏ وأنت بهذا العقل تدبّر الوزارة كيف تطمع مني أنّني أسلّم قومًا مؤمنين إلى قوم كافرين يقتلونهم لا أفعل ذلك‏.‏

فأمر به فضرب ضربًا شديدًا ومُنع الطعام والشراب فمات بعد ثلاثة أيّام‏.‏

وقد كان ابن أبي الساج قبل قتاله القرامطة قد قبض على وزيره محمّد ابن خلف النِّيرَمانيّ وجعل مكانه أبا عليّ الحسن بن هارون وصادر محمّدًا على خمسمائة ألف دينار وكان سبب ذلك أنّ النِّيرَمانيَّ عظم شأنه وكثر ماله فحدّث نفسه بوزارة الخليفة فكتب إلى نصر الحاجب يخطب الوزارة ويسعى بابن أبي الساج ويقول له‏:‏ إنّه قُرمُطيٌّ يعتقد إمامة العلويّ الذي بإفريقية وإنّني ناظرتُه على ذلك فلم يرجع عنهن وإنّه لا يسير إلى قتال أبي طاهر القُرمُطيّ وإنّما يأخذ المال بهذا السبب ويقوى به على قصد حضرة السلطان وإزالة الخلافة عن بني العبّاس وطوّل في ذلك وعرّض‏.‏

وكان لمحمّد بن خلف أعداء قد أساء إليهم من أصحاب ابن أبي الساج فسعوا به فأعلموا يوسفَ بن أبي الساج ذلك وأروه كتبًا جاءته من بغداد في المعنى من نصر الحاجب وفيها رموز إلى قواعد قد تقدّمت وتقرّرت وفيها الوعد له بالوزارة وعزْل عليّ بن عيسى الوزير فلمّا علم ذلك ابن أبي الساج قبض عليه فلمّا أُسر ابن أبي الساج تخلّص من الحبس وكان ابن